بحث حول سقراط

الجمــهورية الجـزائريـة الـديقـراطـية الشـعبيــة
وزارة التعليم العالي و البحث العلمي
جــامعة فـرحات عباس
-سطيف-

كلية العلوم الإنسانية و الاجتماعية قسم العلوم الاجتماعية

بحث حول
الفيلسوف اليوناني سقراط

من إعداد الطالب
- الطاهر قيــرود

الفوج: D6

مخطط البحث
1 / مقدمة
2/ حياة سقراط
3/ شخصية سقراط.
4/فلسفة سقراط
ا/منهج فلسسفته.
ب/ فلسفته النقدية.
ج/ موقفه من الطبيعة.
د/ موقفه من الدين
هـ/ موقفه من السوفسطائيين.
5/علاقته بزوجته.
7/ محاكمة سقراط
/إتهامه.
ب/ رد فعله.
ج/ الحكم عليه.
د/ إعدامه
8/ الخاتمة

1- مقدمة: إن ما نشهده اليوم من تطور علمي وتكنولوجي رهيب، لم يأتي اعتباطيا بل كان نتيجة جهد تفكيري بشري من طرف أناس عظماء حكموا فيه العقل بدل الاعتماد على المسلمات وأسسوا لنا الفكر الفلسفي الذي ولدت من رحمه كل العلوم هؤلائي العظماء هم فلاسفة اليونان وعلى رأسهم الفيلسوف سقراط الذي هو محل بطاقتي هذه.
فمن هو سقراط؟ كيف عاش ؟ وماهي فلسفته ؟ وكيف أنهيت حياته؟
2-حياة سقراط: ولد سقراط في أثينا سنة 469 قبل الميلاد، كان أبوه سوفرنيكوس نحاتا (صانع تماثيل) وكانت أمه فاينرتي قابلة و كان يقول " أنا مثل أمي هي تولد الأطفال وأنا أولد الأفكار" (1).
تلقى سقراط تعليمه في مناهج التعليم المعتادة آنذاك وهي الموسيقى، الهندسة ، التمارين والرياضة ، أخرجه والداه من الدراسة في السن 14 من عمره (2) ولكن هذا لم يزعجه بتاتا معتقدا أن أحسن تعليم له هو أن يتعلم على يده أبناء مدينته أي التعلم من الواقع بحكم أن أبناء مدينته هو من يدعون المعرفة ولكن اكتشفهم في الأخير بأنهم لا يفقهون شيئا في المعرفة وهو فيلسوف علم نفسه بنفسه،
في 65 من عمره أصبح عضوا في المجلس الأثيني وكان عضوا في لجنة المجلس التي تولت رئاسة الجمعية التي حكمت بالإعدام على 09 وفي رواية أخرى 10 من قواد الأسطول الأثيني دفعة واحدة لأنهم أهملوا في إنقاذ الغرقى من الجنود في موقعة أرجينوساي البحرية عام 405 ق.م كان سقراط الوحيد الذي عارض الحكم لأنه يتنافى مع الدستور الأثيني (3).
كان يؤمن بأن مهمته الخاصة في الحياة إنما هي تطوير نفسه وغيره من الناس أخلاقيا وفكريا (4)، فبعد سنوات قليلة قضاها سقراط في ممارسة مهنة أبيه كرس حياته لهذه المهمة بحماس منقطع النظير، فاشتد ميله إلى الحكمة في سن مبكرة وتحول من نحات يشكل التماثيل إلى معلم يشكل عقول الناس ويهذب نفوسهم، فأخذ يغذي عقله و يهذب نفسه.
- كان سقراط يرفض التعدي على حدود القانون .
- قضى حياته في التعليم و تلقين المعرفة.
3-شخصية سقراط :
لقد فرضت شخصيته نفسها بقوة في تاريخ الفلسفة مثل ما لم يحدث مع أي فيلسوف آخر.
- وصف بالمثالي الذي لا يخطئ لشدة تقواه (أكسينوفانيس) والقادر والمسيطر على نفسه (لم يؤثر يوما اللذة على الخير) (أكسينوفانيس). (5)
--------------------------------------------------------------------------------------
- (1)- مجدي كيلاني - لفلسفة اليونانية من طاليس إلى أفلاطون- ص 183
- (2)- مصطفى النشار - تاريخ الفلسفة اليونانية من منظور شرقي – الجزء الثاني (السوفسطائيون - سقراط – أفلاطون) – دار قباء للنشر والتوزيع –عبده غريب- القاهرة -2000 ص 104 م
- (3)مصطفى النشار – نفس المصدر
- (4) - Plato Appology P33
- (5)- مجدي كيلاني- نفس المصدر - ص 184

- كان يطلق عليه لقب القديس أحيانا.
- كان يتصف بالشجاعة والنبل والاعتدال
- كان لا يدعي الحكمة ولكن كان يبحث عنها بشغف.
- كانت شخصيته تنطوي على غرابة معينة وعدم اتساق بين مظهره الخارجي وشخصيته الداخلية، مع خشونة في الحديث والسلوك مما يراه البعض لا يتفق و رسالته الأخلاقية والفكرية.
تأثر سقراط من الناحية العقلية بمناهج السفسطائيين حتى كون لنفسه منهجا ولم يطل النظر في الطبيعيات والرياضيات التي لم تخدم أغراضا عملية، أما من الناحية الأخلاقية فكان يميل إلى الروح أكثر من الجسد وكان يروض الجسد ويدربه على طاعة العقل.
يبدو أن شخصيته كانت سببا في كثرة أعدائه وكثرة ما وجه إليه من اتهامات بالغطرسة و الإسراف و الكفر مع أن هذه الاتهامات لا أساس لها من الصحة .
4- فلسفة سقراط
بعد أن كان سقراط أحد السفسطائيين، لم يعجبه تفكيرهم ومغالطاتهم، فانشق عنهم و أسس لنفسه فلسفته الخاصة و حارب السفسطائيين، فبين خداعهم للأثينيين فتأثروا ببساطته وحلاوة حديثه وبشدة مراسه في الجدل فأقبلوا عليه وآمنوا بفكره فساندوه وفي الأخير انتصر على السفسطائيين.
2.3- منهج فلسفته:
كان سقراط يعتد في منهجه الفلسفة على أسلوبين أو منهجين الأسلوب الأول هو العملية السلبية (التهكم" (6) أما الأسلوب الثاني هو العملية الإستقرائية التوليد حيث قال مقولته الشهير "أنا أولد الأفكار من العقول كما تولد أمي الجنين من بطن أمه"
كان يفضل الحوار والمحادثة مع تلاميذه، معتبرا بأن هذا خير سبيل لتحقيق إرادته في أن يتعلم بقدر ما يعلم، لذلك كان يحاضر تلاميذه في السوق والجمنازيوم والحانوت وأي مكان آخر طالما وجد من يريد الاستماع إليه و بمجرد أن يتوفر المريدون و المستمعون يبدأ الحوار و تنطلق المحادثة في بلاغة تفوق الوصف على حد تصوير أفلاطون لها في محاورة المأدبة (7).
2.3- فلسفته النقدية
قال شيشرون (كاتب روماني)...إن سقراط أول من أنزل الفلسفة من السماء إلى الأرض لأنه يؤمن أن لا خير في معرفة تهمل الإنسان لتعنى بالطبيعة." (
فعل ذلك في الوقت الذي كان الفلاسفة قبله يبحثون في أمور الطبيعة الخارجية وفي قوانين العالم القابلة للقياس.
-------------------------------------------------------------
- (6)- مجدي كيلاني - الفلسفة اليونانية من طاليس إلى أفلاطون - ص 190
- (7)-Socrate and socratic schools de CF Zeller P 67
- (- موجز تاريخ الفلسفة تأليف جماعة من المؤلفين السوفيات تعريب توفيق سلوم ص 86


- بالنسبة لسقراط الفلسفة الحقيقية هي البحث عن ذات الإنسان وعن نفسه، أي أن يتعلم الإنسان لكي يعرف هل لديه علم صحيح أو أن ما عنده ليس إلا علما مشوها أو أنه جاهل تماما وقال مقولته الشهير "إعرف نفسك"، وليست التي تبحث في الطبيعة كم أدعى غيره ، ولقد علق على نظريات الذين سبقوه بقوله: هذا الأمر حسنٌ جداً ولكن هناك بالنسبة للفلاسفة موضوعاً أهم من البحث في ماهيّة الأشجار والكواكب والنجوم .. وهوالراهن البشري .. ومن هو الإنسان؟ ومالذي يستطيع أن يؤول إليه..؟؟ من هذا الموقع الفكري الواقعي انطلق سقراط لسبر أغوار النفس البشرية.(9)
- عند سقراط الحقيقة موجودة ويجب البحث عنها عكس السفسطائيين الذين كانوا لا يؤمنون بالحقيقة ويقولون أن الحقيقة غير موجودة.
- كان ينطلق من فكرة أن الإنسان جاهل لا بد له أن يتعلم.
3.3- موقفه من الطبيعية:
كان له موقفا نفعيا من العلوم الطبيعية حيث حث الإنسان على تعلم (الهندسة، والفلك) وكان متحمسا لدراسة الطبيعة في بداية حياته (10)
3.4- موقفه من الدين :
- و فيما يتعلق بالفكر الديني،سقراط برهن على وجود الله من حقيقة بعينها وهي وجود توافق في الكائنات الحية، لقد صاغ مبدأ يعمل كمقدمة رئيسية في كل حجة غايته "إن ما يؤدي لغرض نافع لابد أن يكون من عمل العقل " (11).
- و مع ذلك لم يرفض سقراط الميثولوجيا المعاصرة له و على الأقل لم يرفض العبادات، وكان ينصح في هذه الحالة بأن يمارس كل فرد عباداته بما يتفق مع عادات و تقاليد مدينته (12).
- كان يؤمن بخلود النفس.
3.5- موقفه من الفضيلة :
- كان يعتقد أن الفضيلة أساسها العلم والمعرفة
- كان يعتقد أن المعرفة أساس الوحدة الاجتماعية
3.6- موقفه من السفسطائيين :عارض سقراط السوفسطائين الذين كانوا يذهبون إلى أن الطبيعة الإنسانية شهوة وهوى وأن القوانين وضعها المشرعون لقهر الطبيعة وأن الإنسان إذا أمتلك القوة الجسدية أوالمال أوالبأس أو الدهاء أو الجدل يستطيع أن يستخف بها، لكن سقراط كان يرى أن الإنسان روح وعقل يمكنه أن يميز الخير من الشر وعليه بتحكيم هذا العقل والعقل هو مصدر المعرفة.
-------------------------------------------------------
- (9) فوزي معروف –هكذا يصنعون أنفسهم شخصيات ومواقف - منشورات اتحاد الكتاب العرب- 1997- ص79
- (10)- مصطفى النشار – نفس المصدر
- (11)- الموقع WWW.dvd4arab.maktoob.com
-(12)- مجدي كيلاني – نفس المصدر ص 191
5- علاقة سقراط بزوجته:
تزوج سقراط من تلميذته بعدما أحبته وهي لم تتجاوز 15 سنة و كان سقراط لا يحب النساء، فصارت أتعس الزوجات على الإطلاق فكانت يضرب بها المثل في التعاسة، كانت دائمة الشجار مع زوجها الفيلسوف ولقد حكم عليها التاريخ لأنها امرأة عاشت في كنف عظيم دون أن تقدر قيمته، ولقد اعترف سقراط بأن شكوى زوجته عادلة لذا كان يتقبل نقدها برحابة صدر، كما كان يثنى على رعايتها لمنزلها و أطفالها باقتدار.
* من طرائفه مع زوجته :
 قالت له يوما ما أقبح وجهك فرد عليها لولا أنك من المرايا الصدئة لتبين لك حسن وجهي.
 كان سقراط جالسا على مكتبه يقرأ ويكتب وكان امرأته تغسل الثياب فراحت تحدثه بأمرها و بلهجة حادة، فلم يرد عليها وهنا ارتفعت حرارة الغضب عندها فتقدمت منه و صبت فوق رأسه الماء الساخن، فقال الفيلسوف على الفور أبرقت ثم أرعدت ثم أمطرت.
 وقيل ذاق سقراط الأمرين في حياته الزوجية، ومع ذلك فقد قال ناصحا تلاميذه "يجب أن يتزوج الشاب على كل حال فإذا رزق زوجة حكيمة مخلصة غدا سعيدا، و إذا رزق زوجة شريرة أضحى فيلسوفا" (13)
6سقراط و دوره في إصلاح الشباب و المجتمع

6.1- سقراط و السفسطائيين:
يعتبر سقراط من المعليمين العظام و يمكن تصنيفه على أنه من السفسطائيين و لكنه كان لا يتقاضى رسوما على تعليم طلابه الشباب الأثينيين الذين كانوا يلتقون حوله لإعجابهم به و اعتبر التدريس أمانة سماوية، وإن قبل الهدايا منهم .
و قد أراد بتعاليمه أن يصلح ما أفسده السفسطائيون وأن يعيد للعقول ثقتها بالحقيقة والمعرفة و إيمانها بالفضيلة و الخير وآمن أن الفضيلة لا تكون إلا بالعلم، فجعل هدفه الأول أن يهدي إلى الفضيلة عن طريق العلم والمعرفة ومن أجل هذا عزف عن فلسفة الطبيعة التي كان يعنى بها من قبله واستبد بذلك النظر في قضية الإنسان وأن يجعل الفلسفة منحصرة في في دائرة الأخلاق باعتبارها أهم ما يهم الإنسان (23).
كما أنه لم يأخذ بمنهج السفسطائيين في التشكيك، فقد اعتبر سقراط المعرفة أساس الوحدة الاجتماعية و أساس السلوك الصحيح و أدى به ذلك إلى الاهتمام بماهية الإنسان و الأخلاق باعتبارهما أهم شيئ للإنسان.
و قد ذهب إلى أ، أساس المعرفة هو أن يعرف الإنسان نفسه بنفسه و ذلك أن الإنسان قياس كل شيئ، وقد اتخذ لنفسه شعارا "أعرف نفسك بنفسك" و هكذا حول سقراط اهتمام الفلسفة من المشكلات المتافيزقية و دراسة الفلك و عناصر الكون إلى دراسة النفس الإنسانية (24).
إذا بعد أن كان سقراط أحد السفسطائيين، لم يعجبه تفكيرهم و مغالطاتهم، فانشق عنهم و أسس لنفسه فلسفته الخاصة و حارب السفسطائيين، فبين خداعهم للأثينيين و في الأخير انتصر عليهم.
2.6- سقراط والشباب:
من الصعب أن يعرف أحد كيف عاش سقراط ، فهو لم يعمل في حياته قط و لم يهتم بالغد، وكان يأكل عندما يسأل تلاميذه أن يشرف على موائدهم، و هذا يدل على أنهم أحبوا عشرته و مرافقته .
ما هو السبب في تبجيل تلاميذه بهذا الشكل ؟ قد يكون السبب أنه كان رحبا كما كان فيلسوفا ، كان يتصف الاعتدال و الشجاعة و النبل و لكن لا جدال أنهم أحبوا فيه أكثر اعتداله في حكمته، فهو لا يدعي الحكمة و لكن يبحث عنها بشغف و اهتمام فقد كان هاويا للحكمة لا محترفا لها.
كان لطريقة سقراط في التدريس أهمية تربوية خاصة لدارسي التربية والمعلمين، فقد اشتهر بالطريقة التي عرف بها و نسبت إليه و نعني بها طريقته في توليد الأفكار و المعاني من خلال المناقشة و السؤال و الجواب و هكذا كانت الطريقة السقراطية تقدم على تنمية المفاهيم من خلال التساؤلات. كما كان في مناقشته يصر على التعبيير الدقيق عن الألفاظ و المعاني موضوع المناقشة.(25)
لذا قضى حياته في التعليم و تلقين المعرفة و كان مختلفا عن غيره من المفكرين حيث أنه لم يسجل أفكاره و آراءه في كتب أو فيما يشبه الكتب من الرسائل و إنما هي أفكار و آراء كانت تعرض له في الطريق حيث يلقى الناس يحاورهم و يناقش المسائل التي أثارها السفسطائيون وغير السفسطائيين و من الشعراء و الكتاب و الساسة. و كان يغشى الساحات العامة و الأماكن و الأسواق فيناقش السوقة و السادة، و يناقش الرؤساء كما يناقش البنائيين و يناقش بركليس كما يناقش صاحب الحانوت و كان يكثر من السؤال دائما و في كل مكان، كما يجبر كل إنسان على أن يرى أفكاره بوضوح (26).
لقد كان السؤال لدى سقراط فنا و المحاورة منهجا و لعه لم يستخدم أبدا طريقة التعليم المباشر و الإلقاء، بل كان يتوجه إلى مخاطبه يطلب منه أن يعرض أفكاره ثم ينهال عليه بأسئلته الدقيقة التي يريدها، أو يدعه تائها في طريق لا يعرف الخلاص منها، كما يكشف له بعد ذلك عن خطئه و يستمتع بما يناله من ارتباك و ارتجاج (27).
كان يشكك محدثه فيما يقول و من ثم يوقعه في التناقض و حين يصل بمحدثه إلى أن يشعر بجهله، يولد لديه الاستعداد للمعرفة ، و هنا يأتي دور سقراط (المعلم) و توصيل تلميذه إلى المعرفة التي يبتغيها له.
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(23)- الأصول الفلسفية للتربية لمحمود عبد الرزاق شفشق ص 33
(24)- التربية عبر التاريخ لعبد الله عبد الدائم ص 66
(25)- قصة الفلسفة لوولد يورانت تعريب فتح الله محمد المشع ص 17
(26)- تطور الفكر التربي لسعد مرسي ص 141
(27)- قصة الفلسفة لوولد يورانت تعريب فتح الله محمد المشع ص 12

7- محاكمة سقراط
1.7- التهم الموجهة التي وجهت إليه: أهم التهم التي وجهت إلى سقراط في الدعوى التي رفعت ضده من طرف ثلاثة من الحاقدين عليه وهم : أنتنوس أحد رؤوس الصناعة وزعماء الديمقراطية وملاتوس شاعر شاب و ليقون خطيب هي:
أ- أنه يبحث في الأمور الطبيعبية ب- أنه مفسد للشباب ج- أنه يكفر بالآلهة (14)
2.7- الأسباب الحقيقية للمحاكمة
 معارضته للفكر السفسطائي
 دعوته للتعلم ونبذ الجهل
 نظرته الواقعية حول المعرفة جعلته موضع دهشة من طرف معاصريه الذين اعتادوا غيرها.
 انتهاجه لأسلوب التعليم المجاني للفقراء ورفضه تعليم الأغنياء بالمال.
 معارضته ولرفضته للتعدي على حدود القانون (إعدام قادة الأسطول الأثيني).
 إقبال الشباب على فكره وامتعاض الشعراء والساسة لأنه كشف أمرهم وجعل البعض منهم سخرية للناس كان أول الذين هاجموه الشاعر الهزلي "ارسطوفانيس" الذي كان رجعيا يمقت حرية الفكر و ينفر من كل تجديد.
-------------------------------------------------------------
- (13)- الموقع WWW.dvd3arab.maktoob.com
- (14)- مصطفى النشار – نفس المصدر
- عداوته للحروب الظالمة حيث قال "يدهشني تماما راعي الغنم الذي لا يعترف بجرمه عندما يذبح جزءا من قطيعه ويترك الجزء الباقي للموت جوعا ،كما يدهشني أكثر الحاكم الذي يلقي بنصف شعبه إلى الهلاك و يستغل النصف الآخر ثم لا يخجل من نفسه ولا يعترف بذنبه.(15) فثارا ضده تجار الأسلحة والحكام .
هذا الموقف الشجاع جعل كبار الحاقدين يطالبون بالانتقام من سقراط حين زعم احدهم انه افسد ابنه عندما كان تلميذا عنده ونجح هؤلاء الأعداء جميعا في تقديم سقراط للمحاكمة عام 399 .
3.7- رد فعله:
كان سقراط مقتنعا بفلسفته وأنه لم يفعل ولم يقل إلا ما بدا له أنه حق .
"لن أكمل تحقيقي ، أحس بذلك ، حقيقي كنت أتحامل عل أعداء و لم أشعر إلا بالملل والتفهم ولكني أظن أني مجبر على وضع خدمة الإله فوق الكل ، إذن يلزمني الحصول على تفهم المستمعين الذهاب والبحث عن كل من يملكون القليل من المعرفة."(16).
حين طالبت المحكمة سقراط أن يدافع عن نفسه بعد الحكم عليه بالإعدام بدأ بالاعتذار عن أسلوبه الذي زخرف فيه و قال أنه يتقاضى أجرا عن التعليم وأنه يفسد الشباب .
أما عن إفساد الشباب فإنهم يأتون بمحض إرادتهم و عن أجر التعليم فهو كلام باطل لا يحتاج إلى رد.......... و كان يمكن لسقراط أن يتجنب التهم و المحاكمة لأنه بريء، ولكنه إيمانا برسالته وأراد لنفسه أن يبقى مثلا للتضحية من أجل الواجب الذي يؤمن به ورمزا للثبات على المبدأ ومن أجل تأكيد ذلك سنورد بعض أقوال سقراط نفسه لقضاة محكمته " .يارجال أثينا إن حكمتم ببرائتي فلن أغير من سيرتي لكني أستمرفي أداء رسالتي لأن هذا هو واجبي ،ولا ينبغي أن أتخلى عنه ولو أدّى ذلك إلى الموت فالرجل لا ينبغي أن يتدبر أمرحياته أو موته ولا يجوز أن يهتم إلاّ بما يقدمه من خير للناس،ومع أنّي كسائر البشر خلقت من لحم ودم،ولي زوجة وأولاد فلن أحضرهم أمامكم كما يفعل غيري ليتوسلوا إليكم ويطلبوا براءتي، وأنا لا أفعل ذلك اعتداداً بنفسي، أواحتقاراً لكم بل لاعتقادي أن مثل هذه التصرفات تقلل من قدري وتحطُّ من شأنكم وتجلب العار على أثينا هذا إلى أنني اعتبر أنَّ من الحماقة استجداء القاضي بدل إقناعه فليس على القاضي أن يمنح العدالة ولكن عليه أن يكون عادلاً لا يتبع هواه...." (17)
و أنهى سقراط دفاعه متمسكا بمواقفه ومصرا علىها فحكم عليه القضاة بأغلبية ضئيلة وقبل الحكم رابط الجأش وعندما طلب إليه التعقيب على الحكم قال: " .. (أيّها الأثينيّون لقد حكمتم عليّ بالإعدام وهذا لا يحزنني بل يُسعدني لأنني انتصرت على أعدائي . أفضل أن أموت حراً على أن أعيش عبداً...)(18).
------------------------------------------------------------
- (15)- فوزي معروف – نفس المصدر- ص 79
- (16)- Apologie de Scorate P39
- (17)- فوزي معروف – نفس المصدر ص 80
- (17)- فوزي معروف – نفس المصدر ص 81

4.7- الحكم عليه: بعد محاكمة صورية صدر حكم بإعدام سقراط.
" حكم عليه بفارق ستين صوتا من أصل خمسمائة أو خمسمائة وواحد ودعي لتحديد عقوبته و لكنه رفض حتى لا يقر بأنه مذنب، بل طالب حسب أفلاطون أن يطعم ......... و هذا الطلب اعتبر إهانة للقضاة والمحلفين الذين حكموا عليه بالإعدام بأغلبية كبيرة" .(19)
صدر الحكم عليه في فترة الحج عند اليونانيين وكانت العادة أن لا ينفذ الحكم أثناء هذا العيد ولذلك كان على سقراط أن ينتظر في السجن حتى تنتهي فترة الحج وكان أصحابه و تلاميذه يختلقون علبة بالسجن كل يوم و كانوا يزينون له الفرار من السجن ورتبوا له ذلك برشوة حارس السجن ولكنه رفض وكان يقول “ إن صوتا في داخلي يطلب مني أن احترم قانون بلادي قبل احترام حياتي وحياة أبنائي و أنا لا أرد الشر بمثله".
5.4- إعدامه : لم يكترث سقراط بالموت ، حيث ضل يناقش أصدقائه كعادته نحو أدهش الجميع، ولما حان وقت تنفيذ الحكم طلب من حارس السجن أن يأتيه بالسم ، فبكى الحارس وبكى معه أصدقاء سقراط فابتسم لهم قائلا " لا تحزنوا يا أصدقائي ولا تيأسوا وحين توسون قبري اعلموا أنكم تدفنون جسدي وحده دون روحي...".
8- الخاتمة
لقد ساهمت الفلسفة السقراطية بقوة في إعطاء الفكر نمطا متميزا خاصة في فئة الشباب، الذين دعاهم إلى تحكيم العقل وإلزامية المعرفة التي هي أساس كل شيئ من خلال كلمته "اعرف نفسك" أي أن العلم هو أساس الحياة وهذا ما أثبته الواقع على مر العصور التي جاءت من بعده إلى أن وصلنا إلى عالم تكنولوجي متطور، وحول سقراط الإنسان من التفكير في الطبيعة إلى التفكير في ذات الإنسان، مؤمنا بوجود الحقيقة وداعيا للبحث عنها
أعدم ومات سقراط لكن فكره أنار ولازال ينير طريق البشرية إلى اليوم، وأدركت الإنسانية أنه أول شهيد للفكر، مخلفا وراءه 360 محاورة نقلها عنه تلميذه (أفلاطون) رغم أنه لم يكتب شيئا.
-------------------------------------------------------
(19)- Platon apologie de Socrate P15

المصادر والمراجع

(1)- "الفلسفة اليونانية من طاليس إلى افلاطون " الدكتور "مجدي كيلاني"
(2)- مصطفى النشار - تاريخ الفلسفة اليونانية من منظور شرقي – الجزء الثاني (السوفسطائيون - سقراط – أفلاطون) للدكتور
(4) - Platon Appologie de Socrate Par Emile Chambry
(5)- Apologie de Scorate
(6) الموقع WWW.dvd3arab.maktoob.com
(7)-Socrate and socratic schools de CF Zeller
(- فوزي معروف –هكذا يصنعون أنفسهم شخصيات ومواقف - منشورات اتحاد الكتاب العرب- 1997
- (9) أحمد أمين - زكي نجيب محمود - قصة الفلسفة الحديثة - لجنة التأليف والترجمة والنشر 1949
(10)- الأصول الفلسفية للتربية لمحمود عبد الرزاق شفشق
(12)- التربية عبر التاريخ لعبد الله عبد الدائم
(13)- قصة الفلسفة لوولد يورانت تعريب فتح الله محمد المشع
(14)- تطور الفكر التربي لسعد مرسي
(15)- قصة الفلسفة لوولد يورانت تعريب فتح الله محمد المشع ص