3- أهداف العلاج المعرفي- السلوكي CBT :
يهدف العلاج المعرفي إلى:
1- إدراك العلاقة بين المشاعر والأفكار والسلوك وبالتالي يمكن بتعديل أحد أركان هذا الثلاثي يتعدل الطرفان الآخران .
2- تعليم المتعالجين أن يحددوا ويقيموا أفكارهم وتخيلاتهم وخاصة تلك التي ترتبط بالأحداث والسلوكات المضطربة أو المؤلمة.
3- تعليم المتعالجين تصحيح ما لديهم من أفكار خاطئة أو تشوهات فكرية .
4- تدريب المتعالجين على استراتيجيات وتقنيات معرفية وسلوكية لتطبق في الواقع خلال مواقف حياتية جديدة أو عند مواجهة مشكلات مستقبلية .
5- تحسين المهارات الاجتماعية للمتعالجين من خلال تعليمهم حل المشكلات(.
6- تدريب المتعالجين على توجيه التعليمات للذات، ومن ثمّ تعديل سلوكهم وطريقتهم المعتادة في التفكير باستخدام خلال الحوار الداخلي
4- تقنيات العلاج المعرفي-السلوكي (CBT )
يستخدم لتحقيق أهداف العلاج المعرفي مجموعة من التقنيات السلوكية والمعرفية ، ويمكن تعليم هذه التقنيات للمتعالجين لتساعدهم في الاستجابة بطريقة وظيفية أكثر.
يحتاج المكتئبون عموما إلى نوعين من التقنيات، ويعتمد هذا المزج الدقيق بين التقنيات السلوكية والمعرفية على مستوى الأداء الوظيفي للمتعالج، ومهارات المعالج ومدة العلاج، وأهداف المعالجة، فالمعالج يشكل طريقته في العلاج تبعاً لحاجات نوعية لمتعالج معين في وقت معين
وهناك قاعدة تقول " أنه كلما زادت شدة الاكتئاب زادت التدخلات السلوكية وبالعكس كلما انخفضت شدة الاكتئاب زادت التدخلات المعرفية..
إلا أن الأمر يختلف بالنسبة للمكتئبين ذوي الرغبات الانتحارية إذ يجب استخدام التقنيات المعرفية وتطبيقها منذ البداية ودون انتظار
1- التقنيات المعرفية:
تستخدم هذه التقنيات للحد من عملية اجترار الأفكار التي تساعد على استمرار المشكلة، وهي مهمة بالذات في بداية العلاج قبل أن يتدرب المريض على إيجاد بدائل للأفكار التلقائية السلبية، وربما لا تحدث هذه التقنيات تغيرات معرفية جوهرية، ولكنها تحد من تكرار الأفكار السلبية، ويالتالي تحسن مزاج المريض الأمر الذي يساعده على حل مشكلته، ومن هذه التقنيات التي استخدمتها الباحثة في هذا البرنامج:
أ-مراقبة الأفكار التلقائية وتحديدها:
يكرس الكثير من عمل العلاج المعرفي لتعرف الأفكار التلقائية غير المنطقية السلبية/أو المشوهة ،إن أقوى طريقة لتعريف المتعالج على الآثار الأفكار التلقائية هو الاستعانة بأمثلة حية عن الكيفية التي يمكن للأفكار التلقائية فيها أن تؤثر في الاستجابات الانفعالية.(ملحق 12مثال قصة) أو يمكن أن يطلب المعالج من المتعالج أن يتذكر حادثة أو موقف من المواقف المرتبطة بتبدل مزاجه، ويطلب إليه وصف الأفكار التي عبرت فكره قبل تبدل مزاجه. ويتضح هذا الأسلوب أو غيره من الأساليب اللاحقة من خلال أمثلة أخذت من أفراد العينة العلاجية المستخدمة في البحث، وهنا حالة زوجة تشكو من عمل زوجها:
المتعالجة: إنني دائمة التوتر والانزعاج، وخاصة تجاه زوجي، فهو يعمل بشكل مؤقت ، ومهدد في كل مرة بأن يترك العمل .
المعالجة:أقدّر انزعاجك هذا، وأودّ منك أن تذكر لي ما الذي خطر ببالك لحظة توترك وانزعاجك؛ أي ما هي الأفكار التي عبرت رأسك فجأة لحظة توترك.
المتعالجة :ماذا سيحدث لنا أنا وعائلتي إذا ترك العمل، لن نتمكن من الاستمتاع بالحياة، لن أتمكن من شراء ما أريد، لن أكون سعيدة.
المعالجة : وما هو أسوأ ما توقعت حدوثه .المتعالجة: أنني سأبقى متوترة دائما، ولن أستطيع أن أقوم بأي شيء. المعالجة: إنني أعرف سبب توترك، فهذه الأفكار التي اندفعت فجأة في ذهنك تبقى تزن في رأسك، ولا تستطيعين إيقافها، إنها هي الأفكار التلقائية. إنك لا تدركينها، بل ترين نتائجها عليك. المتعالجة : ربما، فأنا لا أعرف هذه الأفكار، إنني فقط ألاحظ توتري من هذا الموضوع كلما عاد زوجي إلى البيت. المعالجة: إن التعرف إلى هذه الأفكار وتحديدها هي أولى الخطوات
1- الحوارالسقراطي Socratic Dialogue ) ويعدّ من أكثر تقنيات العلاج المعرفي، وأكثرها استخداما في طرح الأسئلة ( ويسمى أيضا الاكتشاف الموجه Guided Discovery ) وليس هناك شكل أو تنسيق محدد أو بروتوكول خاص بهذا الأسلوب، وإنما بديل ذلك يجب على المعالج أن يعتمد على خبرته وإبداعه بصوغ الأسئلة لسابرة التي من المحتمل أن تكشف عن أنماط الأفكار المختلة وظيفيا مثل " ماذا تقصدين " " دعينا نتوقف" "هل ترغبين"
2 التخيل:Imagery
يستخدم التخيل كأسلوب بديل للكشف عن المعرفيات حينما لا تجدين الأسئلة المباشرة في توضيح التفكير التلقائي السلبي، ويتم اختيار هذه الأساليب أيضا عندما يظهر المنهج السقراطي في الأسئلة كماً محدوداً من الأفكار التلقائية، ويكون لدى المعالج شك بأن هنالك المزيد من الأفكار التلقائية المهمة التي ما زالت موجودة. وقد يتمكن بعض المتعالجين من استخدام إجراءات التخيل بتذكير أو توجيه قليل من المعالج ولا يحتاج إلاّ أن يطلب إليه أن يتخيل نفسه في حالة ماضية، مزعجة أو تسبب انفعالا محددا، وأن يصف بالتالي الأفكار التي راودته، وغالبا ما يرى المتعالج لا معقولية أفكاره، وهو يصف المشاعر المصاحبة لهذه المخططات
أي إن المطلوب هنا هو استرجاع خبرات الماضي المؤلمة لنضعه في صيغة الحاضر ومآل المستقبل (الهنا –ا للآن)
3 - لعب الدور: Role Playing
قي الغالب يكون لعب الدور أكثر فائدة من التخيل، وذلك بعد الحصول على وصف وافٍ لسلوك الشخص الذي حدث معه الموقف. وعندها يقوم المعالج بأداء دور ذلك الشخص بينما يقوم المتعالج بدوره هو، أو يمكن عكس الدور وذلك بتمثيل المتعالج دور المعالج.
4- الرسم الكاريكاتوري:
عندما لا يستطيع المتعالج تحديد أفكاره يتم الطلب إليه رسم شكل كاريكاتوري حزين( يعبر عن حالته) ، ويطلب إليه صوغ بعض الأفكار التي تجعل من هذا الشكل حزينا وكتابتها ضمن المربع ويتيح مثل هذا للمتعالج بتكوين فكرة عمّا يزعجه بالفعل.
وتعتمد هذه الطريقة على أسلوب الإضفاء ما في ذاته على الرسم، حيث تكون الأفكار التي يضعها المتعالج في عقل الشكل الكاريكاتوري هي الأفكار التي تستولي عليه.
اسأل نفسك : لماذا يبدو هذا الشخص غير سعيد هكذا ؟" كوّن بعض الأفكار التي تزعج هذا الشخص
5 - سجل الأفكار: هو أحد أكثر إجراءات العلاج المعرفي استخداما لتحديد الأفكار التلقائية ويمكن أن يُطلب من المتعالجين أن يسجلوا أفكارهم بعدد من الطرائق المختلفة،تسمى كل واحدة منها طبقا لعدد الأعمدة وأسهل طريقة هي أسلوب العمود المزدوج وهو إجراء يستخدم غالباً حالما يبدأ المتعالج بتعلم كيف يميز الأفكار التلقائية. ويُطلب إلى المتعالج في هذه الحالة أن يدوّن الأفكار التلقائية التي تخطر في باله في حالة التوتر أو الانزعاج. ويمكن أن يحدد المتعالج بالتناوب الاستجابات الانفعالية في عمود الأفكار التلقائية في العمود الآخر،كما يمكن أن نستخدم تقنية السهم العمودي أيضا لكشف الأفكار التلقائية، حيث تعدّ هذه التقنية ناتجاً ثانوياً لطريقة العمود المزدوج وتبدأ بـ "إذا كانت هذه الفكرة صحيحة فماذا تعني لي؟ ولماذا تزعجني؟" وتقود إلى سلسلة من الأفكار التلقائية تكشف عن السبب الحقيقي للمشكلة. ويمكن أن يضيف المعالج أو ينقص من عدد الأعمدة بحسب الحاجات النوعية للمتعالج وبقدر فهمه للأفكار التلقائية وللعلاقة بين المعرفيات السلبية والشعور غير السار والسلوك غير المثمر.
ويسمى أسلوب الأعمدة الثلاث إذا احتوت الاستمارة على ثلاثة أعمدة العمود الأول يقدم وصفًا للحالة، والعمود الثاني قائمة بالأفكار التلقائية، والعمود الثالث الاستجابة لانفعالية.
وقد وسع بيك أسلوب الأعمدة ليصبح مؤلفاً من خمسة أعمدة ، وسماه السجل اليومي للأفكار المختلة وظيفياً Daily Record of Dysfunctional Thoughts ويرمز له اختصاراً (DRDT )
وفي العربية اسُتخدمت كلمة (سيامو) وهي الأحرف الأولى من الكلمات التالية: ( سجل يومي للأفكار المختلة وظيفيا)
6 - مناقشة الحوار الداخلي: وهذه التقنية مأخوذة عن أسلوب ميكنباوم في العلاج المعرفي، فقد ركز على أهمية الحوار الداخلي عند الفرد في تغيير مشاعره وتفكيره، ومن ثمّ سلوكه فالمزاج الكئيب يفتح الباب للمتعالج ليقول لنفسه في حوار داخلي " إنني عديم القيمة " " أف إنني لست جيدا " " إنني أقل من الآخرين" . وهي عبارات للتقليل من قيمة الذات، وتزيد في مشاعر اليأس وسوء احترام الذات ليصل المكتئب إلى الإيمان بها، مما قد يقود إلى ردة فعل عنيفة ربما توصل إلى تفضيل الموت بسبب عدم الارتياح . وبما أن المكتئب يسيء إلى نفسه، فإنه يتحول بهذا إلى شخص غير فعال ومشلول وخائف ومنعزل عن المشاركة في مسار الحياة الطبيعية. وبسبب النتائج السلوكية والانفعالية السلبية لتفكير المتعالج السلبي فإن الخطوة الأساسية هي أن يتوقف عن القول لنفسه " إنني عديم القيمة، إنني.......الخ وهذا ما ذكره ميكنباوم في علاجه "أن يتدرب المتعالج على التحدث إلى ذاته بطريقة بنّاءة
7- عداد المعصم( أو المَسْبَحَة): يستخدم لمراقبة الأفكار السلبية وإيقافها، وهو عبارة عن عداد يشبه ساعة اليد له زر يمكن الضغط عليه في كل مرة تمر في عقل المتعالج فكرة سلبية، وفي نهاية اليوم يتم تسجيل العدد النهائي للأفكار، حيث يلاحظ ازدياد العدد في البداية، مع تحسن ملحوظ في تحديد أفكاره، ويستمر ذلك لعدة أيام فسرعان ما يصل العدد الإجمالي إلى الاستقرار لمدة أسبوع أو عشرة أيام ومن ثم سيبدأ في التناقص وهذا يشير إلى أن أفكار المتعالج المؤذية تضعف وتتناقص وسيبدو أفضل لأنه بدأ بالسيطرة على ذاته. إن هذا الأسلوب لا يعد بديلاً لتنحية عشر إلى خمس عشرة دقيقة كل يوم ليدون المتعالج أفكاره السلبية المنحرفة وليجيب عليها كما شرحنا سابقا
ب- تعديل الأفكار التلقائية:
ليس هناك عادة فصل تام في العلاج المعرفي-السلوكي بين مراحل تحديد الأفكار التلقائية وتعديلها. ففي الواقع إن العمليات المرتبطة بتحديد الأفكار التلقائية غالباً ما تكون كافية للبدء بالتغير الحقيقي.
1- إيجاد البدائل: يرى العديد من الأفراد أنفسهم وكأنهم قد فقدوا كل الخيارات. ولعل المثال الأبرز على الافتقار إلى الخيارات في المتعالجين الذين يقدمون على الانتحار. أنهم يرون الخيارات والبدائل المتوافرة لهم محدودة جداً لدرجة أنهم قد يرون أن الموت هو الخيار الأسهل و الأبسط . والتكتيك المعرفي هنا يتضمن العمل سوية مع المتعالج لإيجاد بدائل أخرى.
2- تفحص الدليل: هو المكون الرئيس للاختبار التجريبي التعاوني في العلاج المعرفي. فبعد كتابة الأفكار السلبية وتحديد التشوهات فيها، يتم اعتبار مجموعات الأفكار التلقائية فرضية يقوم المعالج والمتعالج بالبحث عن دليل يؤيد فرضيته أو يدحضها، خاصة وأن المتعالج غالباً ما يقدم دليلاً يدعم ويعزز اعتقاده متجاهلاً معلومات أخرى رئيسة، ومركّزاً على معلومات قليلة تعزز أفكاره المختلة. وعند ذلك يُسأل المتعالج "ما الدليل على هذه الفكرة ؟" لأننا غالباً عندما نشعر بأننا لسنا على ما يرام فإننا نعتقد بأن الأشياء سيئة دون التدقيق في الحقائق والتأكد منها وحينما نتفحصها فإننا سنرى الأشياء من منظور مختلف.
3- الإقلال من إضفاء الصفة الكارثية : وتسمى بأسلوب افتراضي " ماذا لو What if " ويساعد هذا الأسلوب المتعالج على التقويم بنفسه فيما إذا كان يبالغ في تقدير الصفة الكارثية للحدث أو للفكرة، وفيه يسأ ل المتعالجون أسئلة سلبية مثل "ماذا لو لم أستطع " " ماذا لو رسبت " فلا يعطون وقتا لأسئلة مشابهة حرفيا ولكن بشكل إيجابي مثل : ماذا لو نجحت" " ماذا لو استطعت" إنهم يبحثون عن إجابة، أو عن وجهات نظر بديلة بشكل مثالي ويظهر ذلك واضحا في الحوار التالي لأحد المتعالجين"
4- إعادة عزو الصفات: عادة ما تكون الصفات المنسوبة إلى أحداث الحياة في حالة الاكتئاب مشوهة في الاتجاه السلبي إذ يقوم المكتئبون بلوم أنفسهم على أحداث الحياة غير المؤاتية، وإعطاء معنى عام للحوادث المحددة وغير المتوقعة، و يعتقدون أن الحالة السلبية ستدوم إلى ما لا نهاية. وقد وُجِد أن التشوهات السلبية لدى المكتئبين تكمن في العزو الداخلي الذي يقود الفرد إلى انخفاض في تقدير ذاته كالعبارة الشائعة بين المتعالجين " هذا ما جنيته على نفسي " وعلى الرغم من أن المرء لا يستطيع أن ينفي هذا تماماً، إلا أنه من غير المرجح أن يكون شخصاً واحداً بمفرده مسؤولاً عن كل خلل يحدث في علاقة ما، لذلك يكون التدخل العلاجي هنا في إعادة توزيع المسؤولية بين كل الأطراف ذات الصلة بالأزمة .